صورة من محاربة الهوامير للمواطن الضعيف





    في عدد سابق لجريدة الرياض كان هناك إعلان تجاري عن بيع قصر بمساحة عشرة آلاف متر .. هذا الإعلان وغيره من الإعلانات المماثلة عن بيع مثل هذه القصور ذات المساحات الكبيرة جداً تطرح تساؤلات كثيرة عن ظاهرة انتشار القصور والمنازل والمزارع وحتى الاستراحات والمزارع الخاصة التي تقام على مساحات كبيرة جداً تجاوزت حدود المعقول !! وهي ظاهرة كنا نعتقد أنها انتهت في ظل تطور الفكر الاجتماعي والأسري في العصر الحديث !
السؤال ماهي الجدوى الاجتماعية والاقتصادية الطبيعية على المدى الطويل للسكن في قصر بمساحة خمسة أو عشرة آلاف متر أو عشرين ألف متر بل وأكثر من ذلك ؟! فما نراه اليوم أن هذه القصور وهذه الفلل والاستراحات والمزارع وحتى الأراضي البيضاء خارج المدن والمسورة اوالمحبسة او المشبوكة بمثل هذه المساحات أنها تحولت إلى حالة تنافسية على حساب الحاجة الفعلية وعلى حساب تكاليف كثيرة سواء في بنائها أو في سكنها او في صيانتها !!
صحيح أن ذلك حق مشروع وطبيعي وشأن خاص ولا حسد في ذلك إن شاء الله لمن يسر عليه سعة في المال .. لكن السؤال هنا من سيسكن هذه القصور، وما هي عدد سنوات السكن الفعلية لها قياساً بمساحاتها الكبيرة جداً !! وماهي حالة هذه القصور بعد سنوات معينة ؟!
والسؤال الأهم هنا أليس بالإمكان السكن والإقامة في سكن أو فيلا أو قصر بمساحة أقل يناسب عدد الاسرة وبنفس المزايا !! وإتاحة المساحات الباقية لآخرين لبناء مساكن صغيرة يستفيد فيها غيرهم سواء بالبيع أو بالاستثمار؟
من يتجول في الأحياء الجديدة مثلاً سيحزن كثيراً وهو يشاهد هذه القصور الكبيرة جداً جداً التي استقطعت مساحاتها الكبيرة جزءً كبيراً من مساحات الأحياء - هذه القصور قد لايسكن فيها من أفراد الأسرة إلا عدد قليل جداً جداً لأشهر معدودة خلاف ذلك تكون خالية من أهلها معظم أيام السنة ويظل المستفيد الأول من هذه القصور هم العمالة والخدم والمرافقين، والساحات الأخرى من هذه القصور ظلت مساحات شبه مهجورة وفارغة بل قد تكون مجهولة ومهجورة من أهل القصر نفسه الذين حصروا استفادتهم من هذه المساحات على المجالس والملاحق وغرف النوم ومواقف السيارات !!
إضافة إلى ذلك فإن معظم ملاك مثل هذه القصور الفخمة من المؤكد أن لديهم بدائل أخرى كمزارع أو استراحات أو شاليهات أو لديهم القدرة على السفر الدائم إلى الخارج فتأخذ هذه البدائل النصيب الأكبر من أيام السنة سواء أيام عطلهم وإجازاتهم مما يؤكد أنهم في غنى تام عن حدائق قصورهم التي استقطعت جزءً كبيراً من مساحة القصر !!
من يأخذ جولة على أحياء الرياض القديمة - على سبيل المثال - كحي عليشة والبديعة والمربع والملز والمعذر والناصرية ويشاهد حال كثير من القصور القديمة في هذه الأحياء والتي أصبحت الان مهجورة من أهلها ومن ملاكها إلا من بعض الخدم والحراس لها ومعظمها تحولت إلى مستودعات وسكن عمال .. ويتمعن كيف أن هذه القصور استقطعت آنذاك مساحات شاسعة جداً كان من الأولى أن توجه ويستفاد منها لأكبر عدد ممكن من المحتاجين لها سواء من أبناء الأسرة من خلال بناء مساكن صغيرة او من خلال البدائل الأخرى .. حين ذلك سيتأكد للمشاهد أن حال هذه القصور الجديدة في الأحياء الجديدة في المدن سيكون مصيرها مصير تلك القصور القديمة !
إن ظاهرة التنافس في بناء القصور وسكنها ظاهرة لانرى لها مثيلا في المدن العالمية .. إضافة إلى ذلك وهو الأهم هنا أن مراحل نمو الأسرة في المجتمع السعودي مراحل متغيرة ومتناقصة سريعاً حيث إن ظروف الأسرة السعودية ولعوامل كثير جداً تجبر الأبناء تلقائيا عند زواجهم على الاستقلال في منزل أو في شقة وهكذا نجد ان عدد أفراد الأسرة السعودية يتناقص حتى لو كانت تسكن في قصر كبير جداً مما يُقصر عملية سكن مثل هذه القصور الكبير جدا على الأب والأم وجيش من الخدم!!
نحن اليوم في حاجة ماسة إلى ثقافة السكن ولابد من أن يكون لكافة الجهات المعنية سواء أكانت جهات عملية أم توعوية دور مباشر في الحد من بناء مثل هذه القصور من أجل القضاء على ظاهرة سيطرت كثيرا على مساحات شاسعة من أحياء المدن !! إضافة إلى ذلك فإن عمر المباني لدينا خاصة القصور والفلل السكنية هو عمر قصير جداً لايتجاوز عشرين سنة كمعدل بعدها تترهل هذه المباني سريعا وهذا الترهل وهذا التقادم السريع في مبانينا ظاهرة لانجدها في مباني الدول الأخرى التي نرى عمر معظمها تجاوز المائة عام وأكثر من ذلك ومع هذا لازالت تُستخدم كسكن وكأنها حديثة البناء!!


كتبه / عبدالرحمن عبدالعزيز آل الشيخ


***

تعليقات

  1. كل هذه المساحات والتي تبلغ ملايين الأمتار يسكنه عائلة مكونة من في أصعب الحالات 5 أو 6 أفراد
    وملايين من المواطنين لا يملك متر واحد من أرض فضاء
    فهل هذا يعقل ؟

    ردحذف

إرسال تعليق

لا تكن مواطناً مهمشاً .. بل كن مواطناً فعال يريد تغيير الحال إلى الأفضل

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

آآآآه ياوطن !!!!!

رحلة 80 مليار